ويتصدق بما يفضل عنه توقياً من المعاملة والمبايعة، ونهم من يبيع ما فضل عن قوته، ويعود بثمنه في سائر مصلحته، وكانت هذه حال الخليل بن أحمد الفرهودي مع فضله وأدبه وكمال علمه وآلاته الخ. . . وكان جلة الناس في عصره يجتذبونه الخ. . . فأحد من كاتبه سليمان بن علي الهاشمي، فكتب الخليل بن أحمد إليه:
أبلغ سليمان إني عنه في سعة ... وفي غنى غير أني لست ذا مال
شحي بنفسي أني لا أرى أحداً ... يموت هزلاً ولا يبقى على حال
(قال) وقلما رأيت صائداً إلا تبينت فيه من سيما القناعة الخ. . . وقال أرسطا طاليس: أول الصناعات الضرورية الصيد، ثم البناء ثم الفلاحة. ولو أن رجلاً سقط إلى بلدة ليس بها أنيس ولا زرع لم تكن له همة إلا حفظ جسمه ونفسه بالغذاء الخ. . . ويغدو للصيد اثنان متفاوتان: صعلوك متسحق الأطمار. وملك جبار، فينكفئ الصعلوك غانماً، وينكفئ الملك غارماً، وإنما يشتركان في لذة الظفر الخ. . . وقال أبو العباس السفاح لأبي دلامة سل!. . . فقال: كلباً، قال: ويلك وما تصنع بكلب؟ قال: قلت سل، والكلب حاجتي، قال: هو لك، قال: ودابة تكون للصيد، قال: ودابة! قال: وغلام يركبها ويتصيد عليها، قال: وغلام! قال: وجارية تصلح لنا صيدنا وتعالج طعامنا، قال: وجارية! قال أبو دلامة: كلب ودابة وغلام وجارية! هؤلاء عيال! لابد من دار! قال: ودار! قال: ولابد من غلة وضيعة لهؤلاء، قال: قد أقطعناك مائة جريب عامرة ومائة جريب غامرة قال: ما الغامرة؟ قال: التي لا نبات فيها، قال: أنا أقطعك خمسمائة جريب في فيافي بني أسد، قال: قد جعلنا لك المائتين عامرة بقى لك شيء؟ قال: أقبل يدك، قال: أما هذه فدعها! قال: ما منعت عيالي شيئاً أهون عليهم فقدا من هذا
وقيل لبعض من كان مدمناً على الصيد من حكماء الملوك الخ. . . وقيل للزاهد المشغوف بالصيد الخ. . . وهذا كتاب كليلة ودمنة الخ. . . وكانت ملوك الأعاجم تجمع أصنافها (أي الحيوانات)، وتدخل أصاغر أولادها عليها وتعرفها الخ. . .
وأشرف الغذاء الذي يحفظ به الأعضاء، وليس شيء أشبه بها وأسرع استحالة إليها من اللحم، وأفضل اللحمان ما استدعته الشهوة، وتقبلته الطبيعة بقوة عليه، ولا لحم أسرع انهضاماً وأخص بالشهوة موقعاً من لحم الصيد المكدود، لأن ذلك ينضجه الخ. . .