للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وإن كان الحيوان غليظاً، عكست هذه الأسباب طبعه، ونفت ضرره، وقمعت كيموسه؛ وربما أكل اللطيف الخفيف على تعنف وتكره، فكان إلى أن يأخذ من الأعضاء، أقرب من أن تأخذ منه الأعضاء

وتأول الرواة امرئ القيس في قوله:

رُبَّ رامٍ من بني ثُعَلٍ ... مخرِج كَفَّيْه من سُتَرهِ

فأتَتْه الوحشُ واردَةً ... فَتمّتى النزْعَ من يَسرِهِ

فَرَماها في فراِئصِها ... من إزاء الحوض أو عُقَرِهِ

مطعمٌ للصيد ليسَ لهُ ... غيرها كسبٌ على كبرِهِ

على المدح بإدمان الصيد، ويمن الطائر فيه؛ واستثناؤه بقوله على كبره زائد عندهم في المدح لوصفه أنه يتكلف من ذلك مع فدح السن وأخذها منه شيئاً لا يعجزه مع هذه الحال، ولا يلحقه فيها ما يعرض للمسن من الفتور والكلال؛ وبنو ثعل بنو عمه لأنهم فخذ من طيء، وكندة فخذ من مرّة، ومرّة أخو طيء فلم يرد غير المدح؛ وهذا الرامي عمرو الثعلي، وكان من أرمى الناس الخ. . .

وفي أبيات امرئ القيس هذه، أدب من أدب الصيد، ولطائف حيله، وهو قوله: فتمتى النزع من يسره، وتمتى وتمطى واحد، أبدلت التاء من الطاء، وفي تمتى معنيان: أحدهما الاعتماد والتوسط من قولهم حصلته في متى كمى، فتمتاه بمعنى تعمد متاه (كذا) والآخر بمعنى إبدال التاء من الطاء يريد التمطي وهو أن مريد الصيد بالرمي يتمطى بيساره نحو الأرض مرات حتى يؤنس الطريدة فتألف ذلك منه ولا تذعر له، ثم حينئذ يستغرق نزعه ويمضي سهمه

ولا يزال امرؤ القيس في كثير من شعره يفخر بالصيد، وأكل لحمه، كقوله الخ. . .

ومن فضائل الصيد ما فيه من التبريز على ركوب الخيل صعوداً، وحدوراً، وكراً، وانكفاء، وتعطفاً، وانثناء الخ. . .

وقال بعض الحكماء: قلما يعمش ناظر زهرة، أو يزمن مريغ طريدة، يعني بذلك الخ. . .

وليس يكبر الملك الرئيس العظيم الوقور، إذا أثيرت الطريدة أن يستخف نفسه في اراغتها، ويستحفز فرسه في أثرها الخ. . . وحكي عن عظماء الأكاسرة الخ. . . وعن الخلفاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>