ومنها ما يسنح فيه من النشاط والأريحية الخ. . . وربما قويت النفس حينئذ، وانبسطت الحرارة الغريزية فعملت في كوامن العلل. أخبرني غير واحد ممن شاهد مثل ذلك: أنه رأى من غدا إلى الصيد وهو يجد صداعاً مزمناً، فظفر فعرض له رعاف حلل ما كان في رأسه، وآخر كانت به سلعة يجبن عن بطها قويت عليها الطبيعة فانبطت، وآخر كان في بدنه جرح الخ. . . وربما عكس ما يعرض له من ذلك ذميم حالاته، فآلت إلى ضدها من الخيرية حتى يتشجع إن كان جباناً، ويجود وإن كان بخيلاً، ويتطلق وجه وإن كان عبوساً
أخبرني بعض الأدباء، عن رجل من الشعراء، قصد بعض الكبراء فتعذر عليه ما أمله عنده، وحال بينه وبينه الحجاب وكان آلفاً للصيد، مغري به، فعمد الشاعر إلى رقاع لطاف، فكتب فيها ما قاله من الشعر في مديحه، وصاد عدة من الظباء والأرانب والثعالب، وشد تلك الرقاع في أذناب بعضها وآذان بعض، وراعى خروجه إلى الصيد، فلما خرج كمن له في مظانه ثم أطلقها فلما ظفر بها واستبشر، ورأى تلك الرقاع ووقف عليها زاد في طربه واستظرف الرجل واستلطفه وتنبه على رعي ذمامه، وأمر بطلبه فأحضر ونال منه خيراً كثيراً
ومن شأن النفس أن تتبع ما عزها، وبعد من إدراكها الخ. . . وهذا شبيه بما تأوله يحي بن خالد البرمكي في توصية ولده بتقديم العدات أمام الهبات فانه قال لهم الخ. . .
ولو أن محاول حرب، أو مقارع جيش، ملك عدوه قبل مكافحته إياه حتف أنفه، أو انفل جيشه من سوء تدبيره فانصرف، أو جاءه ضارعاً طالباً لأمانه، لما كان مقدار السرور بذلك كمقداره لو نازله فقهره، أو بارزه فأسره، وهذا بين في الملاعب بالشطرنج الخ. . .
لا أستلذ العيش لم أدأب له ... طلباً وسعياً في الهواجر والغلس
وأرى حراماً أن يواتيني الغنى ... حتى يحاول بالعناء ويلتمس
فاحبس نوالك عن أخيك موقراً ... فالليث ليس يسيغ إلا ما افترس
ومن فضل العلم بالصيد ما حكاه لي أبي عن إسحاق بن إبراهيم السندي عن عبد الملك بن صالح الهاشمي عن خالد بن برمك؛ أنه كان نظر وهو على سطح قرية نازل مع قحطبة حين فصلوا من خراسان وبينهم وبين عدوهم مسيرة أيام إلى أقاطيع ظباء مقبلة من البر