بعدين راح ورجع في المغرب ومعاه حرمة طويلة ووجفوا يتحروا في الحتة. أم شحاتة جالت إن الساكن اسمه محمود بتاع السميط، حامت الحرمة سألت عن وصفتي وأم احمد أعطتها وصفتي، حنينة جالت أهو هو دا بولص. تصدج يا سي سفروت والله ماجدرتش أبات في الأوده رحت اتلجحت في الجامع اللي جنبنا لحد الصبح اعمل إيه يا سي سفروت؟ اهرب من حنينة فين؟ المره دي مش ناوية تسيبني ألا ميت.
واتت بهية تذكر سفروت بعمله فودع هذا بولص وذهب إلى المسرح وقبيل الحفلة ذهبت بهية إلى غرفتها لتغير ثوبها استعدادا للدور الأخير وتركت الحاوي يشرح للنظارة أمر الصندوق ويعد له عدته، وتأخرت بهية فبينما هو يفكر فيما يفعل إذ أقبل بولص عليه من جانب المسرح بوجه أدكن وعينين بارقتين شاردتين مما ذكر الحاوي بوجه الرجل في الليلة المقمرة. تقدم بولص وبه من الرجفة والذعر ما شغل الحاوي عن حرفته وأنساه صيته وموقفه والنظارة الذين خفتت أصواتهم واشرأبت أعناقهم في انتظار ما يكون، وهمس بكلمات متقطعة كحديث المحتضر قال:
- خبيني. . . أنا في عرضك خبيني. . . مراتي بره ومعاها شاويش. . . حطني في الصندوج، حطني في الصندوج!!
ودخل القبطي إلى الصندوق بغير انتظار واقفل عليه بابه وقد ملك الدهش على سفروت أمره حتى فقد القول والفعل، ثم رجع إلى نفسه بعد برهة ليتبينها أمام حقيقة واقعة وليدرك ان لا مخرج له سوى ان يخفي الرجل داخل الصندوق.
وقال سفروت في نفسه: لو فلت القبطي فقد أسديت له يدا ولو لحقه البوليس فما علي من ذلك لوم ولا تبعة وليس هو بالمجرم ولا أنا بالخارق للقانون، وكل ما علي الآن هو أن أسرع في عملي وأعطيه الفرصة ليهرب ويقيني انه لن يرجع إلى الصندوق، فإذا دعوت بهية بعد ذلك فسوف تقوم بحيلتها كالعادة وأما إذا أخرجته الآن من الصندوق بالقوة فسوف يكون من ذلك هياج الناس وتعكير صفو المحفل ومسئوليتي أمام المدير.
ولم يتردد سفروت بل ربط الصندوق ووقف عليه وتحدث إلى النظارة المنذهلين عن جنه وهيوليته الخ الخ، حتى إذا انتهى من الديباجة نزل. رفع الغطاء وهو موقن أن بولص قد خرج من الصندوق إلى تحت المسرح ثم إلى ما شاء له قدره.