للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تاريخ المسبحي، سواء من حيث حجمه أو موضوعاته موسوعة قوية شاسعة؛ ولم يصلنا هذا الأثر الضخم الذي يلقى بلا ريب أعظم الضياء على تاريخ الدولة الفاطمية في عصرها الأول، ولا سيما عصر الحاكم بأمر الله، وشخصيته الغريبة الفذة التي درسها المسبحي عن كثب، ولكن الشذور القوية الممتعة التي وصلتنا منه على يد المقريزي وغيره من المؤرخين المتأخرين عن أحوال الدولة الفاطمية وقصورها وخزائنها وصروحها وبذخها وبهائها، تنوه بقيمة هذا الأثر ونفاسته وطرافته، وتدل أيضاً على أن مؤلفه قد تناول خطط وآثارها ومعاهدها في كثير من الإفاضة.

وقد لبث تاريخ المسبحي مستقى خصباً لمؤرخي مصر الإسلامية حتى عصر متأخر جداً؛ فالمقريزي وابن تغري بردي والسخاوي والسيوطي وغيرهم يقتبسون منه ويشيرون إلى وجوده؛ وكذلك يذكره حاجي خلفية في (كشف الظنون) بما يأتي: (ومنها تاريخ مصر لعز الملك محمد بن عبد الله المسبحي الحراني المتوفى سنة ٤٢٠هـ، وهو كبير في اثني عشر مجلداً؛ واختصره تقي الدين الفاسي والذيل عليه لابن مُيَسّر)؛

وفي ذلك ما يدلي بأن تاريخ المسبحي كان موجوداً حتى القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر الميلادي)؛ بل هنالك ما يدل على أنه كان موجوداً كله أو بعضه حتى القرن الثاني عشر (الثامن عشر)؛ فقد ورد في معجم مخطوطات الأسكوريال الذي وضعه الغزيري اللبناني باللاتينية في سنة ١٧٧٠ بأنه يوجد في مكتبة الأسكوريال العربية (أربعة مجلدات من تاريخ مصر وأرضها وعجائبها مرتب حسب السنين لغاية سنة ٤١٤هـ، تصنيف محمد بن عبد الله بن عبد العزيز المسيحي (كذا) (معجم الأسكوريال رقم ٥٣١ فقرة ٢)، وليس من شك في أن المقصود هو تاريخ مصر للمسبحي، وذلك رغم تحريف الاسم. على أننا عند مراجعة فهرس الأسكوريال الحديث الذي وضعه ديرنبورج، ثم ليفي بروفنسال (سنة ١٩٢٨) لم نجد في كتب التاريخ ذكراً لكتاب المسبحي، مما يدل على أن ما كان موجوداً منه بقصر السكوريال في القرن الثامن عشر قد ضاع شأن كثير من الآثار التي اثبت الغزيري وجودها في معجمه بيد أنه

يبدو من هذا الوصف الذي أثبته الغزيري في معجمه أن المسبحي أستمر في تتبع حوادث مصر وحوادث عصره حتى سنة ٤١٤هـ، وربما أستمر إلى ما قبل وفاته في سنة ٤٢٠هـ إذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>