وقد يجدى أن نعطى هنا مثلاً من أمثلة هذه المدرسة النظرة الخاطئة لنرى إلى أي حدّ يبعد (أرسطو) عنها ويرتفع.
كتب (أوسكار وايلد) أحد نقاد هذه المدرسة - رأيي - يقول:(لأن نمضي من فن عصر من العصور إلى العصر نفسه هو أكبر خطأ يرتكبه المؤرخون جميعاً، فالفن الرديء الزائف كله إنما يأتي من الرجوع إلى الحياة والطبيعة والتساهل بهما إلى مراتب المثل العليا!).
من هذا النبذة نستطيع أن نحكم بأن (أوسكار وايلد) كان يدين بهذا الرأي الذي يعطينا إياه - ولكننا لا نستطيع القول بأن شيئاً أو سبباً معيناً أدى به إلى هذا الاعتقاد - أننا لا نستطيع أيضاً أن تحكم ما إذا كان هذا الرأي خاطئاً صحيحاً؟ وذلك لأن الناقد نفسه لم يخبرنا ولم يعلل ما يقوله: لم يكن (أرسطو) ليسمح لنفسه بأن ينفد بهذه الطريقة، ولكن تعال معي نرى كيف كان (أرسطو) يعالج مثل هذا الرأي لو أنه كان يدين به مثلما كان يدين الناقد الإنجليزي، فانه إذا قال إن الفن الزائف إنما يأتي من الرجوع إلى الطبيعة والحياة أتبع قوله: ذلك صحيح لأن (هوميروس) لم يذهب إلى الحياة في البحث عن مادته (هذه أمثلة فقط ولا تعتبر صحيحة)، وأن كل روعة فن (إيسكلس) إنما تأني من اعتماده على أساطير الآلهة كمادة لفن وأن فن (أريستوفانيس) كان أحط وأقل قيمة لأنه كان يصور الحياة ويستمد منها. ذلك أن (أرسطو) لا يسمح لنفسه بأن يكون نظرياً، بل يجب أن يعطيك براهين وأمثلة وأسباباً تعليل ما يقول
خذ مثلاً آخر حديثة عن طول القصيدة القصصية إذ يقول:(يمكن في هذا الصنف من الشعر أن تعالج جميع أجزاء القصة معالجة مناسبة من حيث الزمن يأخذه سير حوادثها في الحياة، أما في القصة المسرحية فالأمر يختلف إذ أنك لو عالجت حوادث القصة في مثل ما تعالجها من الطول في القصيدة القصصية، كان الأثر الذي تحدثه في النفس أثراً سيئاً يجلب الملل والسأم، قد يبدو هذا القول نظرياً ولكنه يتبعه بأن يقول: (إن صحة ما نقوله واضحة لأن كل من حاول أن يصوغ قصة سقوط (ترواده) صياغة مسرحية، ولم بأن يختصر في الحوادث أو يركزها قد فشل فشلاً تاماً).
كان (أرسطو) سريع الملاحظة، حاضر الذهن، يمقت النوع من القضايا الذي لا يبرزه