للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليقوميدس، ملك سيروس، كأنه إحداهن، وعلم أيضاً أن أخيل نشأ نشأة عسكرية على يدي شيرون العظيم، ومن كان تلميذ شيرون فأخلق به إلا يستنيم لهذه الحياة الناعمة التي لا تليق إلا بأبكار الخدور، وربات الحجال، لا بالأبطال وصناديد الرجال. . . . . . فانطلق إلى سيروس من فوره!.

انطلق أوليسيز إلى سيروس النائية، التي تكاد تكون منقطعة عن العالم، وقد حمل على ظهره العريض، وكاهله القوي حقيبة كبيرة جمع فيها من كتان مصر واصباغها، وعطورها وحِبَرَ الشام، وحريره وممُّوره، وتصاوير فارس، وقاقمها وسنجابها، ومشرفيات الهند، وتحف السند، وطرق الصقلب. . . . . . ومن كل ما غلا وارتفع ثمنه من أدق صناعات العالم جميعاً.

فلما كان في حاضرة المملكة، يمم شطر قصر الملك. . . وكان الوقت ضحى؛ ثم إنه طفق يصيح باللهجة السيروسية، معدَّداً أسماء السلع التي: (استحضرناها حديثاً من مصر الجميلة المتفننة، والهند العظيمة، والسند ال. . . ونحن لا نبيع إلا للملوك وأبناء الملوك، لأن الشعب فقير لا يقدَّر بضائعنا الغالية. . . ونحن معروفون في مصر، لا يشتري فرعون إلا منا، وفي الشام، وفي فارس، وفي الهند، حيث الأقيال العظام وال. . .).

وأرسلت بنات الملك فأحضرن هذا التاجر المفاخر بما معه واجتمعن حوله يتفرّجن ويتلَّهيْن؛ هذه تختار منديلاً من حرير الهند، أو منطقة من خز الشام، وتلك تشتري من أصباغ مصر وعطورها وخرزها، وثالثة تفتن بتصاوير فارس، فتشتري كل ما مع الرجل منها. . . . . .

ولكن فتاةً مُلَّثمة. . . وقفت وحدها ترمق سائر الفتيات بنظرات ساخرة، ولا تكاد تبين إلا عن عينين زرقاوين متألقتين، تقدمت في خطوات متزنة، ومشية منتظمة، وأخذت الحقيبة من الرجال فقلبتها، وما كادت ترى إلى المشرفيات الرقاق الظَّبي، حتى تهللت، وبدا البْشر في عينيها، وتناولت حساماً مرهفاً وشرعت تلعب به في الهواء، ههنا وههنا، كأنما تطيح به رؤوس أعدائها الذين تتصورهم في لوحة الخيال البعيد، المنطبع على أسوار طروادة!!. . .

وشُده أوليسيز مما رأى!.

<<  <  ج:
ص:  >  >>