للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا هو العفريت الذي لم تعرف يا صديقي مصدره. ولعلي إذ دللتك عليه وذكرت لك ما أصاب كتابي (السياسة المصرية والانقلاب الدستوري) عزيري عن خروجي على ما طبعت عليه من فتور في الإعلان والإهداء يعادل فتوري في حق أصدقائي وفي حق أسرتي. فان رأيتني مع ذلك بالغت في الاحتياط فظهرت في غير ما كان يليق بي أن أظهر فليس لي إلا أن أعتذر إليك وأن أعدك أني لن أعود إليها.

هذا عن شخصي. وما أدري يا صديقي ما عساي أقول لك فيما كتبت عن (ثورة الأدب) لقد أثار دهشتي وأثار خجلي فما كنت أحسبه ينال منك كل هذا التقدير، ولا كنت أحسبه جديراً به. وما عساي أقول في تقديرك الكتاب بأنه (تاريخ صحيح دقيق للأدب العربي المصري في هذه الأعوام الأخيرة من جهة وهو فلسفة أدبية رفيعة موضوعها أدبنا الحديث من جهة أخرى) وانه كتاب (تمضي فيه فيخيل إليك انك تمضي في كلام مألوف ولكنك لا تكاد تفكر قليلاً فيما تقرأ، أو لا تكاد تلح في القراءة حتى يفح لك هذا الكتاب أبواباً ويبسط أمامك آفاقاً ما كنت تعرفها أو تفكر فيها من قبل). وإذا كل شيء جديد. وإذا كل شئ طريف. وإذ الكاتب يخدعك ويمكر بك وان لم يرد خداعا ولا مكرا، (وان المؤلف هو المؤرخ العربي للأدب العصري الحديث، وانه قد فرض بذلك نفسه، لا أقول على هذا الجيل وحده، بل أقول على الأجيال المقبلة أيضا. . . وان كتابه هذا سيصبح من المصادر القيمة للذين يريدون أن يدرسوا أدبنا المصري في نهضته هذه الحاضرة) ما عساي يا صديقي أقول في هذا كله. أقول انه كثير. وانه أثار دهشتي وخجلي. واحسب صدق مودتك وإخلاص اخوتك كان لهما أثر غير قليل في إملاء هذه العبارات ومثلها عليك، كما كان لهما اثر غير قليل فيما كتبت عن شخصي.

ولعلك أنت شعرت بهذا، وخشيت من أن يتهمك الناس بالإسراف في الثناء على صديقك إسرافا بصرفهم عن حسنِ الاستماع له فأردت أن تحصي عليه وعلى كتابه بعض هنات تجعلهم أدنى إلى الإيمان بعدالة ثنائك. وأنت على حق فيما أحصيت من بعض الهنات وإن كنت قد أسرفت في بعضها. فقد ذكرت أن هيكلا: (من أصحاب المعاني بين الكتاب وأنه يهمل لغته إهمالا شديداً ويتورط في ألوان من الخطأ واضطراب الأسلوب، يدنيه أحيانا من الابتذال. والغريب أنه لا يضيق بذلك ولا يجد به بأسا ولا يعترف بأنه يسيء إلى نفسه

<<  <  ج:
ص:  >  >>