ساعة: أننا متشابهون. فان مصير الناس كلهم واحد، كما يقول هوجو، ومقدراتهم متشابهة سواء أكان الإنسان عالماً أم عاملاً. أليست الحياة والموت محتمين! ومشاكل العيشة العامة والخاصة تنتابهم بدون استثناء، وكل ما عمله الذين سبقونا وما نعمله لكشف خبايا هذه الأسرار المحيطة بنا، ومازال ويا للأسف ابتدائياً، وهذا ما يشجع فينا الشعور بالتشابه، والشعور بالتشابه يجعل الاحساسات الشائعة بيننا واحدة، وكلاهما يدفع بنا إلى إنشاء الجمعية المشتركة في النفع والضرر، بل نحن نعمل على إنشائها بدافع طبيعي فينا ونريدها من صميم أفئدتنا)
وإليك خلاصة ما قاله المسيو نيزان:
(لا أستطيع الكلام بدون الاعتماد على التاريخ لأن ما جاء به الفيلسوف بندا يتضمن شيئاً كثيراً منه
لقد صور لنا المسيو بندا العالم الغربي في صورة متناسبة متناسقة تجمع شتى الأقوام وشتى الطبقات، وأكثر ظني أن هذه الصورة لا تتفق مع صحائف التاريخ، ومن المستحيل أن تكون لهذا العالم صورة جامعة متناسقة فيها مختلف العناصر البشرية الغربية ما دامت مراجعها وينابيع حياتها مستقاة من مدنية الإغريق والنصرانية ثم النهضة الأوربية (الرينسانس) وعهد الإصلاح (الريفورم) والثورات البرجوازية المختلفة. فأستطرد وأؤكد إن المدنية الإغريقية نفسها لم تكن في أيامها السوالف عمل جميع الإغريق
ينظر المسيو بندا إلى الغرب نظرة أفلاطونية، نظرة إيجابية، لا تتطلع إلا إلى الآثار الثمينة وإلى الأفكار من حيث هي أفكار رفيعة، نظرة محدودة لا تعبأ بما تحت هذه الآثار من دوافع واحتمالات غامضة، ولا تهتم بالحوادث البارزة التي سهلت تلك النتائج
صحيح أن هذه النظرة سادت برهة عند اليونان القدماء، ثم أصبحت فيما بعد قوام التفكير النظري عند الأمم الأوربية البرجوازية
لكن مذهب أفلاطون ليس كل ما عند الإغريق من مذاهب للتفكير
أتى المسيو كهينو فيمن ذكرهم على اسم أبيقور الذي كان يوجه كلامه إلى العبيد الأرقاء، وهو الرجل الذي ما كان يتوخى تطهير جمهرة مختارة من البشر، ولا كان يستنسب جلساته بين طائفة متميزة منهم، وإليكم الآن مجمل ردي على المسيو بندا: