للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعدوناً. ولكنني استغربت أن تقع في مثل هذه الآونة مثل هذه الحادثة التي تدل على روح قديم وعادات، كنا نقرأ في الكتب الباحثة في أحوال العرب وعاداتهم وأخلاقهم وتاريخهم أنها كانت، وحسبنا أنها زالت من جراء الاحتكاك والاتصال بالغرب، بعد دخول البريطانيين هذه الأقطار، منذ أكثر من ثمانية عشر عاماً، الاتصال الذي له حكمه في تغيير العادات والأخلاق)

قال طبيب من أصحابنا باريسي التحصيل لاتيني الثقافة:

- (لاشك في أنه كان لدخول الإنكليز بلادنا واتصال الغربيين بنا واتصالنا بهم اتصالاً لم يكن من قبل، تأثير في تغيير بعض العادات والأخلاق في المدن الكبرى ولا سيما العاصمة؛ ولكننا لو نظرنا ملياً في التغيير الذي حدث لوجدناه منحصراً لدى الطبقة العليا، وبعض أبناء الطبقات الأخرى، في الأسر التي تعددت فيها الدماء واختلف ميراث السلالات المختلفة المتواشجة بالتزاوج. فكانت النتيجة حدوث انحلال أخلاقي في أفرادها، لا نرى له مثيلاً في أبناء القبائل والأرياف والبوادي والعامة في المدن - الذين هم في الأصل القديم من أبناء القبائل - والذين ينتسب إليهم هذان الصبيان. ألا تؤيدونني في هذا الرأي يا رفاقي؟)

سكت بعضنا، وقال بعضنا:

- (بلى)

وقال أحدنا وهو الصحافي:

- (أن أكثر عاداتنا تقاليدنا - وقولي تقاليدنا أصح من قول السيدة الفاضلة والأخ الطبيب أخلاقنا - لم يتغير بعد. وأعني بتلك العادات والتقاليد ما كان متأصلاً في روح الشعب ممتزجاً بدمائه منذ قرون وأزمان. فالعراقي العربي الخالص في الزمن القديم الذي كان يقتل زوجه أو أية امرأة من آل بيته وذوي قرباه إذا ما حادت عن طريق العفاف واستزلها شيطان من الإنس وعبث بها فأثمت معه، هو هذا العراقي العربي - سواء أكان خالصاً في عروبته أم لم يكن وهو يدعيها - الذي يعيش في القرن العشرين، والذي يمثله خير تمثيل بطلا الحادثة التي أتاحت لنا الفرصة لهذا الحوار، إلا ما شذ من الناس. وهؤلاء الشاذون ممقوتون مكروهون يلبسون ثياب الخزي والعار أنى حلوا وأقاموا. وقد يوجد فارق بين

<<  <  ج:
ص:  >  >>