للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(. . . أهو الآن يقبلها، ويجني جنا خديها بفمه النهم المشتعل؟ أم هو يضمها إليه في عنف، غير آبه لقلبي الخافق المضطرب!. . . . . .)

منالايوس! لابد مما ليس منه بد. . .

لقد ترامت أخبار الحملة الهيلانية إلى طروادة فهب أهلها البواسل يستعدون ويستعدون جيرانهم فنصروهم ولبو نداءهم، وهرعوا إليهم من كل فج عميق، وهاهي مشارف الجبال وقننها وسفوحها، ونتوء الشاطئ وصخوره ومغاوره، وهاهي ليديا المتيقظة، وإيوليا المتحفزة، وإيونيا الرابضة. . . هاهي البلاد جميعاً تضج بالجند، وتعج بالسلاح، وتقعقع بآلة الحرب، وتدق طبول الوغى، وتذكي نيران الحراسة في قمم الجبال، فلا تغفل عين ولا تهمد همة، ولا يتسرب إلى النفوس كلال

واقترب الأسطول من الشاطئ. . .

ولكن أحداً لم يجسر أن يجازف بنفسه، لأن القتيل الأول، هو أول من يهبط إلى الأرض، كما أخبرت النبوة في معبد دلفى!

ومرت أيام: والهيلانيون في سفائنهم ينظرون إلى أبراج طروادة وفجاجها، ويتحرقون شوقاً إلى لقاء جنودها، ومنالايوس يحرق الأرم هو الآخر؛ ولكن أحداً لا يرضى أن يكون الفدائي الأول. . . (لأني إذا نزلت إلى هذا البر المخوف فسيكون الموت محتوماً علي، دون أن أستطيع إلى قتل أحد من هذا الجند من سبيل، وأنا لم أحظر إلى هنا لأكون قرباناً للإلهة، ولكن لأزاحم وأنافح وأصول، فان قتلت بعدها، فبعشرات وعشرات، لا كما يقتل كلب البرية غير مفدى. . .)

برتسيلوس البطل

بيد أن هيلانياً مقاحماً، هيلانياً واحداً، من خيرة القادة ومذاويدهم، عز عليه ألا يكون في هذا الجيش العرمرم، على ما جمع من صناديد اليونان ومغاويرهم، فدائي واحد يتلقى الطعنة الأولى النجلاء، بثغر باسم، وقلب لا يجزع ونفس مؤمنة مطمئنة لا تهلع في موقف الموت، ولا تفرق إذا حم القضاء!

كبر على بروتسيلوس أن يرمي قومه بجبن ليست لهم يد فيه، وكبر عليه أن يقف ألف ألف لو شاءوا دكوا الجبال وزلزلو السماوات، من دون هذا البلد الذي لا يتقدمون ولا يتأخرون،

<<  <  ج:
ص:  >  >>