فصل جديد أو كتاب طريف، نريد أن نكتبه أو نذيعه، وما دمنا نجد هذه القوة، ونملك هذا النشاط ونعرض آثارنا على الناس، ومنهم هؤلاء الشباب، فلسنا شيوخا ولا قريبين من أن نكون شيوخا، قالت ليهلك هذا الشباب الذي تحبه وتحرص عليه، وتخشى أن يغتصبه منك الشبان، ولقد كدت أرضى منك بهذا الحديث وأحمد لك إحياء الأمل في نفسي لولا أجد من الضعف ما لا تجده، وأحس من الهزيمة ما لا تحس. فأنت تكتب وتفكر في الكتابة، وأنت تنشئ وتتهيأ للإنشاء، أما أنا فلا اكتب ولا أفكر في الكتابة وان كتبت فلا أكتب للناس وإنما أكتب لنفسي، ولا أتحدث إلى الناس وإنما أتحدث إلى نفسي. ولعلي لا أذكر الناس في هذا الحديث وإنما أذكر نفسي. إنما أنا شيخة قبل أن ابلغ سن الشيوخ. أمحزونة أنا لذلك أراضيه أنا به؟ لا أدري، ولعلي أحزن له حينا وأرضى عنه حينا آخر. ولكني على كل حال لا أجد في نفسي هذا النشاط الذي يمكنني من رفض الشيخوخة. قال في صوت هادئ حار: كلا يا سيدتي، هذه أزمة من أزمات الشباب ليس بينها وبين الشيخوخة سبب، وأنا زعيم بأن هذا الصيف لن ينقضي حتى يتحدث الناس عنك فيطيلوا الحديث، ويعجب الناس بك فيكثروا الإعجاب. وسأكون أنا أحد هؤلاء المتحدثين وأحد هؤلاء المعجبين ولكن حديثي عنك وإعجابي بك لن يقعا من نفسك إلا كما يقع منها حديث غيري من الناس وإعجابهم. قالت فأنت إذن تريد الثناء. قال: كلا وإنما أريد شيئاً آخر خيرا من الثناء , أريد أن اسبق الناس إلى قراءة شيء مما تكتبين. قالت دعني ودع ما أكتب ومالا أكتب وحدثني عن ظاهرة أخرى في الأدب المصري ظهرت عنيفة في هذه الأيام. قال وما هي؟ قالت ألست ترى غضب الأدباء من الشيوخ والشبان. قال دعي لفظ الشيوخ. فليس في أدبائنا شيوخ. فضحكت وقالت: ألست ترى أن الأدباء جميعا يضيقون بالنقد ولا يحتملونه، ولا يطيقون الصبر عليه. وكيف تفسر هذه الحدة؟ وأين تجد العلة لهذا الضيق؟ لقد كنت أريد أن أجد في هذه الحدة والضيق دليلا على شيوخة الأدباء، ولكني أراهما شائعين حتى عند الذين لا أشك ولا تشك أنت في انهم من الشبان. فهم أبغض للنقد والناقدين من كل إنسان. ومهما أعجب فلن ينقضي عجبي من كاتب أو شاعر ينشر نثره أو شعره على الناس في كتاب مطبوع أو في صحيفة سيارة فيخرجه بذلك عن ملكه الخاص، ويجعله بذلك ملكا للناس جميعا. ثم يأبى على الناس بعد ذلك أن يتصرفوا في ملكهم كما يريدون. قال: إن