مثل الشهرستاني في الملل والنحل وغيره، فقد أصبحت في خبر كان ولا يعرف لها أي أثر في هذه البلاد المترامية الأطراف، إلا بعض فرق لا يسمع لها حسيس في المجتمع الشيعي ولا غيره كالغالية
فإذا طوح القلم بالكاتب اليوم عن الشيعة، وقرأ ما كتبه السلف عنهم، خلط الحابل بالنابل، وألصق عقائد تلك الفرق البائدة بعامة الشيعة، وعلى الأصح بالشيعة بالمعنى المفهوم الآن، فكانوا في نظره مرجئة، وغالية، ومجسمة، ومجبرة، وسبئية، وزركشية، وما إلى ذلك
وهذا ما ينعى على الباحث المتتبع، وهذا ما يثير غضب أولئك الشيعة الأحياء، من غير ما حاجة تدعو الكاتب ولا ضرورة، وما أجدر الكتاب أن ينتبهوا اليوم لهذه الناحية، فلا يثيروا كوامن أحقاد شائنة بذرتها السياسية لأغراضها في زمن بعيد لسنا أبناءه، فلا يصطدم بآراء أفراد - لا فرق - لا نعرف عنهم كثيرا، ولا يصح أن يدخلوا تحت هذا الاسم. وعند ذلك قد نوفق إلى التفاهم فالتقارب حيث تفرضه الاخوة الإسلامية، ويكون بحثنا نزيها يتطلب الحقيقة ليس إلا، ليتلقى الطرفان بصدر رحب - على ما يقوله الأستاذ أحمد أمين - كما يتلقون النتائج في أي بحث علمي وتاريخي، وكما يقع البحث بين علماء الشيعة أنفسهم، وبين مذاهب السنة أنفسها، ما دامت السياسة بعيدة عنه ومادام بعيدا عنها
وإذا لم نستطع أن نصل إلى ما نتمناه من حمل علماء الأزهر وعلماء النجف على هذه الطريقة الحميدة، وعلى هذا العمل المبرور، فأكبر الظن أن من السهل علينا أن لا نذهب بعيدا، فنقترح على (الرسالة) الهادية أن تفتح لنا بين أعمدتها سبيلا للبحث النزيه، وتعززنا بشجاعتها الأدبية، فلا تصغي إلى سخط العامة - إذا ما كان - لنستطيع أن نلقي من أطمار الماضي ما رث وبلى
وفي النجف عندنا جمعية دينية علمية أسست هذا العام باسم (منتدى النشر) تسعى لهذا الواجب وتدعو إليه، (وهي تضم طبقة صالحة من علماء النجف وفضلائها)، وبصفتي كاتبها العام أذيع عنها هذه النية المحمودة، وأذيع عنها استعدادها للعمل في هذا السبيل. ولقد كان لما كتبه الأستاذان (أحمد أمين) و (محمد بك كرد علي) الوقع الجميل في نفوس أفرادها، ورحبوا بهذا التفكير العالي الكبير
وفي مصر (لجنة التأليف والترجمة والنشر) الموقرة، ففي استطاعة الجمعيتين أن يقفا في