التي قد اعتنت بالحياة الحاضرة اعتناء جيدا، وإن كانت الحياة تأبى الإعادة والتكرار في مدارج الارتقاء، ولكن على حسب مبادئ فلسفة برجسون، كما يقول لنا الأستاذ ولدن كار، حشر الأجساد أيضا في حيز الإمكان التام. إننا نوزع الزمن في اللمحات لذلك نربطها بالمكان فيصعب علينا عبره، ولكننا ندرك حقيقته حين نغوص في أنفسنا لأن الزمن الحقيقي هو حياتنا، تلك التي توطدت فيها الأنانية بحالة الجد المستمر، أننا محكومون بالزمن إلى أن نراه مربوطا بالمكان، إن الزمن المقيد بالمكان سلسلة لفتها الحياة حول نفسها لتجذب ما حولها إلى نفسها، وإلا فنحن مجردون على الزمن، وهذا التجرد يمكن أن نشعر به حتى في حياتنا الحاضرة وإن كان لدقيقة
إن الشيء الذي يقوي الأنانية هو العشق في مفهومه المطلق ومعناه جذبك الشيء أو طلبك إياه لتجعله جزءا من نفسك، وأسمى صورة له هو ما يمكن صاحبه من خلق القيم والغايات، ويدفعه إلى السعي في تحقيقها وبلوغها، ثم العشق يجعل العاشق فريدا كما يجعل المعشوق، وذلك أن طلب الفرد المعين الأوحد يوجد شأن الانفراد في الطالب عن غيره كما يوجد في المطلوب، فأنه لا شيء غيره يرضي طلب الطالب، وكما أن العشق يقوي الأنانية، كذلك الاستجداء يضعفها، فكل شيء نيل بغير المجهود الشخصي هو من قبيل الاستجداء، فالابن الذي يرث ثروة أبيه من دون مجهوده الشخصي مستجد، ومثله ذلك الذي يفكر بفكر الآخرين ويرى برأي غيره. وبناء عليه ينبغي لنا أن نوجد ونربي في أنفسنا العشق أي قوة الجذب ونجتنب جميع أنواع الاستجداء، وإليه أشار إقبال في بيت ترجمته:
(إن المملكة التي لم تشتر بالدم
هي عار على المسلم)
بقي أن نسأل كيف نوجد العشق، فيقول إقبال: إن للمسلمين على الأقل في حياة النبي عليه الصلاة والسلام ردا على ذلك، فأنه عليه الصلاة والسلام قد وضح بأعماله وحياته ما هو العشق، وكيف يمكن القيام به، لذلك ينبغي للمسلمين أن يختاروا حياته عليه الصلاة والسلام أسوة لأنفسهم وأن يحبوه، وإليه أشار إقبال في بيت قال: