وتما السعادة أن النسل لا يكون طبيعياً مستقراً في قانونه إلا للزوجات وحدهن، فهو نعمتهن الكبرى، وثواب مستقبلهن وماضيهن، وبركتهن على الدنيا؛ ومهما تكن الزوجة شقيةً بزوجها فان زوجها قد أولدها سعادتها، وهذه وحدها مزية ونعمة. أما أولئك فليس لهن عاقبة إذ النسل قلب لحلتهن كلها؛ وهو غنىً إنساني ولكنه عندهن لا يكون إلا فقراً، وهو رحمة ولكنها لا تكون إلا لعنة عليهن وعلى ماضيهن. وقد وضعت الطبيعة في موضع حب الولد الجديد من قلوبهن، حب الرجل الجديد، فكانت هذه نقمةً أخرى
قال (ح): أتريد من الرجل الجديد من يكون عندهن الثاني بعد الأول، أو الثالث بعد الثاني، أو الرابع بعد الثالث؟
قلت: ليس الجديد عليهن هو الواحد بعد الواحد إلى آخر العدد؛ ولكنه الرجل الذي يكون وحده بالعدد جميعاً إذ هو عندهن يشبه الزوج في الاختصاص وفي شرف الحب، فهو الحبيب الشريف الذي تتعلقه إحداهن وتريد أن تكون معه شريفة؛ ولكن من نقمة الطبيعة أن من وجدته منهن لا تجده إلا لتعاني آلم فقده
يا عجبا! كل شيء في الحياة يلقي شيئاً من الهم أو النكد أو البؤس على هؤلاء المسكينات، كأن الطبيعة كلها ترجمهن بالحجارة. .
قالت هي: وليست الحجارة هي الحجارة فقط، بل منها ألفاظ ترجم بها المسكينة كألفاظك هذه. . . وكتسمية الناس لها (بالساقطة) فهذه الكلمة وحدها صخرة لا حجر
ثم تنهدت وقالت: من عسى يعرف خطر الأسرة والنسل والفضيلة كما تعرفها المرأة التي فقدتها؟ إننا نحسها بطبيعة المرأة، ثم بالحنين إليها، ثم بالحسرة على فقدها، ثم برؤيتها في غيرنا، نعرفها أربعة أنواع من المعرفة إذ عرفتها الزوجة نوعاً واحداً. ولكن هل ينصفنا الرجال وهم يتدافعوننا؟ هل يرضون أن يتزوجوا منا؟
قلت: ولكن الأسرة لا تقوم على سواد عيني المرأة وحمرة خديها، بل على أخلاقها وطباعها. فهذا هو السبب في بقاء المرأة حيث ارتطمت. وهي متى سقطت كان أول أعدائها قانون النسل
ومن ثم كانت الزلة الأولى ممتدةً متسحبةً إلى الآخر، إذ الفتاة ليست شخصاً إلا في اعتبارها هي، أما في اعتبار غيرها فهي تاريخ للنسل إن وقعت فيه غلطة فسد كله وكذب