للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومن هجائه السياسي الديني قوله مرتجزا في الحجاج:

شطتْ نوى مَن دارُهُ بالإيوان ... إيوان كسرى ذي القزى والريحان

إن ثقيفا منهمُ الكذابان ... كذابها الماضي وكذابٌ ثان

أمكن ربي من ثقيف همدان ... إنا سمونا للكفور الفتان

حين طغى بالكفر بعد الأيمان ... بالسيد الغطريف عبد الرحمن

سار بجمع كالدبى منقحطان ... فقل لحجاج ولي الشيطان

يثبتْ لجمع مذحج وهمدان ... فإنهم ساقوه كأس الذيفان

وملحقوه بقرى ابن مروان

وهذا النوع من الهجاء قليل النفوق والبقاء، كثير النفاق والرياء، لطمع الشعراء في حباء الخلفاء وإيثارهم في الغالب سلامة البدن على سلامة العقيدة. وليس الهجاء الحزبي إلا صورة من صور الشعر السياسي الذي نفق في هذا العصر؛ وما نزعهم بهذه التسمية أن الإسلاميين قد وقعوا على مذهب في الشعر جديد القصد والغاية، فأن مساجلة الخصوم بالشعر كانت مألوفة في عصر الجهالة مشروعة في عهد النبوة، إنما نقصد بالشعر السياسي طائفة من المعاني الجديدة استوحتها خواطر الشعراء من اختلاف الأحزاب في الرأي، وتنازع الزعماء في الحكم. جاءت هذه المعاني الجديدة على النهج القديم في صور مختلفة، نستطيع أن نردها إلى أربع: فقد أتت في صورة المدح المشوب بالتحريض والتعريض كقول أبي العباس الأعمى:

أبني أُمية لا أرى لكُم ... شبهاً إذا ما التفَّت الشيعُ

سعة وأحلاما إذا نزعت ... أهل الحلوم فضرَّها النزع

أبني أمية غير أنكُم، ... والناس فيما أطعموا طمعوا،

أطمعتمو فيكم عدوكم ... فسما بهم في ذاكم الطمع

فلو أنكم كنتم لقومكم ... مثل الذي كانوا لكم رجعوا

عما كرهتم أو لَرَدهم ... حذرُ العقوبة، إنها تزع

وكقول الكميت:

بني هاشم رهط النبي فأنني ... بهم ولهم أرضى مراراً وأغضب

<<  <  ج:
ص:  >  >>