للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يضيعن الوالي التثبت عند ما يقول وعندما يعطي وعندما يفعل، فان الرجوع عن الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام، وإن العطية بعد المنع أجمل من المنع بعد الإعطاء، وإن الإقدام على العمل بعد التأني فيه أحسن من الإمساك عند بعد الإقدام عليه؛ وكل الناس محتاج إلى التثبت، وأحوجهم إليه ملوكهم الذين ليس لقولهم وفعلهم دافع، وليس عليهم مستحث

إن الوالي لا علم له بالناس إلا ما قد علم قبل ولايته، فأما إذا ولي فكل الناس يلقاه بالتزين والتصنع، وكلهم يحتال لأن يثني عليه عنده بما ليس فيه

لا يمتنع الوالي وإن كان بليغ الرأي والنظر من أن ينزل عنده كثير من الأشرار بمنزلة الأخيار، وكثير من الخانة بمنزلة الأمناء، وكثير من الغدرة بمنزلة الأوفياء، ويغطى عليه أمر كثير من أهل الفضل الذين يصونون أنفسهم عن التصنع والتمحل

لتعرف رعيتك أبوابك التي لا ينال ما عندك من الخير إلا بها، والأبواب التي لا يخافك خائف إلا من قبلها

احرص الحرص كله على أن تكون خبيرا بأمور عمالك فان المسيء يفرق من خبرتك قبل أن تصيبه عقوبتك، وإن المحسن يستبشر بعلمك قبل أن يأتيه معروفك

ليعلم الوالي أن الناس يصفون الولاة بسوء العهد ونسيان الود، فليكابد نقض قولهم وليبطل عن نفسه وعن الملوك صفات السوء التي يوصفون بها

لا يولعن الوالي بسوء الظن لقول الناس، وليجعل لحسن الظن من نفسه نصيبا موفورا يروح به عن قلبه ويصدر به أعماله

من صحب السلطان لم يزل مروعا. فساد الملك أضر على الرعية من جدب الزمان

٨ - (الأدب الصغير) رسالة قيمة في علم تهذيب الأخلاق، تقع في أربعين صفحة كتبت بأسلوب جميل ساحر، أسلوب فيه حلاوة وعليه وطلاوة، أسلوب تتجلى فيه الألفاظ العذبة والمخارج السهلة والديباجة الكريمة والمعاني التي إذا طرقت الصدور عمرتها، وهي ممتلئة بأصدق الأنباء عن الروح الإنسانية تبرهن على مقدرة ابن المقفع العجيبة في تصوير طبائع الناس قال:

على العاقل ألا يحزن على شيء فاته من الدنيا أو تولى وأن ينزل ما أصاب من ذلك ثم

<<  <  ج:
ص:  >  >>