٩ - (كليلة ودمنة) كتاب بليغ يتضمن الجد والهزل، واللهو والحكمة، ألفه بيدبا الفيلسوف الهندي رأس البراهمة، ونقله إلى العربية عن الترجمة الفارسية، في صدر الدولة العباسية (عبد الله ابن المقفع) رأس الكتاب، وقيل إن ابن المقفع هو الذي وضعه وأنه نحله الهند القدماء لترغيب أهل زمانه في مطالعة كتب الحكمة والفلسفة التي لم يكونوا يأبهون لها إلا إذا أسندت للقدماء، وهو موضوع على ألسن البهائم والسباع والطير ليكون ظاهره لهو للعوام وباطنه رياضة لعقول الخاصة، وهو معروف متداول فلا داعي للإفاضة في بحثه
١٠ - ونتساءل: كيف كانت صورة عبد الله بن المقفع وهيئته؟ كيف كان شكله وطراز جسمه! هل كان جميلا ظريفا قويا أم على العكس قبيحا دميما ضعيفا! ماذا كان يلبس؟ هل كان يهتم بنظافة ثيابه وحسن هندامه، كيف كانت حياته الخاصة كيف كان يعيش مع نفسه وأهله وخلصائه؟ هل كان يميل إلى المرح والمداعبة والهزل؟ هل أحب ما هي قصة حبه؟ هل كان له زوجات وأولاد؟ ما درجة اتصاله بأهله وذوي قرباه؟ أي متاع الدنيا آثر عنده؟
هذه أسئلة عظيمة الفائدة المتعة لابد وأن تعرض لذهن من يود أن يعرف ابن المقفع ويفهم أدبه، ولكن أليس عجيبا إلا نستطيع أن نجيب على سؤال واحد منها وأن نكون على جهل تام بحياة أديبنا الخاصة؟
ليس الذنب في ذلك ذنبنا، وإنما هو ذنب مترجمي أدبنا القدماء فهم قل أن اهتموا أثناء ترجمتهم لأديب أو شاعر بحياته النفسية الخاصة ثم بحياة محيطه، هذه الحياة التي تكون الأديب وتطبع آثاره الأدبية بطابع الشخصية والذاتية
١١ - كل ما ذكره المترجمون عن حياة ابن المقفع الخاصة كان جملة واحدة أوردوها عرضا أثناء تحدثهم عن شعوره الديني أوردها صاحب الأغاني نقلا عن الجاحظ قال: كان ابن الحباب ومطيع بن إياس، ومنقذ بن عبد الرحمن الهلالي، وحفص بن أبي وردة، وابن المقفع، ويونس بن أبي فروة، وحماد عجرد، وعلي بن خليل، وحماد بن أبي ليلى الراوية، وابن الزبرقان، وعمارة ابن حمزة، وجميل بن محفوظ وبشار المرعش، ندماء يجتمعون على الشراب وقول الشعر ولا يكادون يفترقون، ويهجو بعضهم بعضا هزلا وعمدا، وكلهم متهم في دينه)