للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عساكرك على اقتحام طروادة. . . فان زيوس يبشرك بالمدينة الخالدة، ولا يكاد النهار ينتصف حتى تكون جنودك في شوارع إليوم ظافرة منتصرة بإذنه. . .)

وصدع إله الأحلام بما أمره سيد الأولمب، وانطلق إلى معسكر أجاممنون في أقل من لمحة، فداعب عينيه، وألقى في روعه الحلم الكاذب، وعاد أدراجه إلى مولاه

فلما تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، هب أجاممنون من نومه مذعورا، وأرسل رسله إلى رؤساء الجند فاجتمعوا لديه قبيل الشروق، وأعلن انعقاد المجلس الحربي؛ فصمت الجميع، ونظر بعضهم إلى بعض، وكل يظن أن لابد من أمر جلل، استدعى انعقاد المجلس في هذه الساعة من بكرة اليوم

ونهض أجاممنون فتحدث إلى القادة، وأخبرهم برؤياه. ولما فرغ؛ نهض نسطور الحكيم المحنك، فسبح باسم زيوس وأثنى عليه وقال:

(لو أن أحدا غير القائد الأعلى رأى تلك الرؤيا لأثار استهزاء الجميع، ولرماه، الجميع بجنة أو مس، ولكنه قائدنا وملكنا، وسليل الإلهة العظام، أجاممنون، هو الذي رآها، وهي لا شك موحاة إليه من لدن ربنا وسيدنا ومولانا مليك الأولمب، وهو لابد ناصرنا على أعدائنا الظالمين. فهلموا أيها الأخوان إلى رجالكم فأيقظوهم، وانفخوا فيهم الحمية والحماسة، فإذا أشرقت ذكاء فسووا صفوفهم، واشحذوا عزائمهم، ولنتوكل على أربابنا، وليهتف الجميع؛ باسم زيوس، ولنصل له؛ ولنسبح تسبيحا كبيرا. . .)

فلما كان الصبح، ارتجف السهل والجبل، ودوى المشرقان والمغربان بجلبة الجند، وصار كل معسكر كأنه خلية صخابة من النحل. . . تطن وتطن. . . وصارت الساحة الحمراء كأنها سماء معتكرة، لرعدها هزيم ولريحها هزيز، ولبرقها خطف يذهب سناه بالأبصار. . .

وشرعت الرماح وأرهفت السيوف، وحملقت المنايا كأنها الأغربة السود فوق الفرائس، وتدوم فوق الجيف. . .!

ولم يكن أجاممنون قد انخدع بالحلم الكاذب، فشدهه أن يرى استعداد الجيش ونفرته نفرة واحدة. . . ولم يخدعه كذلك هذا العدد العديد من الجنود، طالما أن ليس فيهم أخيل وشياطينه المقاتلة. . . الميرميدون!

<<  <  ج:
ص:  >  >>