للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأوجس في نفسه خيفة، وهاله أن يكون في الأمر سر، ووقر في قلبه أن غضبة أخيل لابد أن تغضب السماء، واستقر في نفسه أن هذا الجيش العرمرم سائر إلى الهزيمة المؤكدة، ووارد موارد الردى!

وهكذا جبن القائد العام. . . وندم على أن عقد المجلس الحربي. . .!

فما أن متع النهار، ونظر إلى الجند فرآهم يغمرون الأودية، ويربضون في مشارق الجبال، ورأى إلى طروادة المنيعة تهزأ بكواكب الهيلانيين وجيوشهم، حتى نهض فوق يفاع من الأرض، وهتف بجنوده يقول:

- (يا أبناء هيلاس! يا بني قومي!

لست أدري إلام تمتد بنا هذه الحرب، وحتام ننفى هنا في هذا المكان السحيق من الأرض؟!

تسعة أعوام يا قوم، ونحن هنا بمعزل عن العالم؛ ننام في الخيام، ونأوي إلى السفائن، تلفحنا الرياح، ويثور بنا البحر وتتخطفنا المنايا!

وعبثا ينتظرنا أبناؤنا ونساؤنا في هيلاس العزيزة! ومن يدري؟ فقد يكون بعض أبنائنا أو آبائنا انتقلوا إلى هيدز، ونحن هنا نتصارع مع الموت، من أجل امرأة آبقة لا عرض لها ولا شرف!

أبناء وطني!

ألا أقولها لكم كلمة سواء صريحة!؟ هلموا فاغمدوا هذه الرقاق البيض، ولنعقد مع الطرواديين هدنة يعقبها صلح شريف، ثم لنركب أسطولنا الذي نخر السوس في أخشابه أو كاد، ثم لنعد أدراجنا إلى هيلاس سالمين!

حرب!. . .

أية حرب هذه التي اشتعلت من هولها الرؤوس شيبا!!

أية حرب هذه التي تودي بأعز المهج، وتذهب بأغلى الضحايا من نفوس الشباب!؟ بل أية حرب هذه التي توقع العداوة والبغضاء بين أخوين من أعز أبناء هيلاس، فيتراشقان بالفحش من القول، ويتبادلان الهجر من الكلام، ويوشكان أن يلتحما في نزال يودي بحياة أحدهما من أجل امرأة؟!

أنا - أجاممنون - أغضب أخيل أخي من أجل لذة طارئة، ومتاع غير مقيم!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>