للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تحيا بريطانيا العظمى!!

كذلك قلتُ، فضج السامرون

وماليَ من ذنبٍ إليهم علمته ... سوى أنني قد قلت يا سرحة اسلمي

نعم فاسلمي ثم اسلمي ثمة اسلمي ... ثلاث تحيات وإن لم تَكلمي

لقد كنت من أعضاء الحزب الوطني، وكنت من أوفى الناس لمبادئ مصطفى كامل ومحمد فريد وعبد العزيز جاويش. وكنت أذيع مبادئ الحزب الوطني بلباقة في الجرائد الوفدية، وكان الوفديون يعرفون صدقي وإخلاصي ونزاهتي فيتسامحون ويدعونني أذيع في جرائدهم ما أشاء. ولما أمضيت معاهدة التحالف بين إنجلترا وبين مصر قررت أن أولف كتاباً أدعو فيه المصريين إلى أن يتذكروا دائما أن إنجلترا كانت غزت مصر ورزأتها بالاحتلال.

فما الذي جد في أفق السياسة حتى أهتف بحياة إنجلترا في بغداد؟

ما الذي جد حتى يتغير زكي مبارك الذي أضاع نفسه في مصر بفضل حرصه على مبادئه الوطنية وانعزاله عن الأحزاب التي تملك مصاير الأمور في أكثر الشؤون؟

فقد كنت ألمح من بعد فتاة تسارقني النظر بعينين زرقاوين، وكنت لا املك الانتقال إليها ولا تملك الانتقال إلي؛ وكان جاري رجلاً ظريفاً كسائر البغدادين، فترك مقعده عمداً لأستطيع دعوة الفتاة إلى جواري. ولم تنتظر الفتاة الدعوة، فما هي إلا لمحة طرف حتى كان وجهها إلى وجهي، وكلمتني بالإنجليزية فلم أفهم، فاستوضحتها بالفرنسية فلم تفهم، فقالت بلسان عربي ملحون ما معناه: أرجوك أن تطلب من سليمة باشا أن تغني:

على بلد المحبوب وديني

ودار الصوت على الحاضرين ويدها في يدي، وعينها في عيني؛ وتلطف الكرام الكاتبون فلم يسجلوا غير الجميل

وبعد لحظات همت الفتاة بالانصراف، فجذبتُ يدها أقبلها فسمحت بعد تمنع واستحياء

ولم يكُ غير موقفنا فطارتْ ... بكل قبيلةٍ منا نَواها

فواهاً كيف تجمعنا الليالي ... وآهاً من تفرقنا وآها

ثم يجئ اليوم الخامس فألقي محاضرتي في كلية الطب، وأُعربد على الدكتور عبد الواحد

<<  <  ج:
ص:  >  >>