للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسنوسي المهدي في تعرضه للفرنسيين لم يكن في الحقيقة يقوم بحرب هجومية، وقد أضعف مركزه أنه لم يجتمع تحت إمرته من القبائل عدد عظيم.

فاخذ يحارب في قانيم مع أتباعه من البدو متلقياً مساعدات قليلة كان يقوم بها أهالي هذه المدينة، وفي أثناء ذلك أنشأ زاوية في بيرعلالي، وهي ملتقي تجارة طرابلس بالبلاد الموجودة حول بحيرة تشاد، وحصنها تحصيناً قوياً واستؤنفت الحرب واستمرت ما يزيد على السنة، وبعد قتال شديد سقطت بير علالي في يد الفرنسيين في يناير سنة ١٩٠٢.

وقد تأثر السنوسي المهدي بهذه الهزيمة ومات بعدها بقليل في ٣٠ مايو سنة ١٩٠٢ في جيرو ودفن في زاوية التاج ولكن البدو يعتقدون حتى الآن بأنه ما زال حياً وأنه غادرهم في مهمة سرية

وكان أبناء المهدي السنوسي صغاراً قاصرين، فانتقلت زعامة الإخوان إلى أبن أخيه السيد أحمد الشريف وهو رجل طموح ذو مقدرة فائقة ولكن تعوزه حكمة من سلفوه. وأستمر سيدي أحمد في سياسة عمه وهي مقاومة الفرنسيين، ولكن رغم جهوده وبعد كفاح طويل دام من سنة ١٩٠٤ حتى ١٩١١ سقطت واداي في أيديهم، وبذلك أنهار سلطان السنوسية في أواسط السودان.

وكان السنوسيون يحتفظون لمصر وللسلطات البريطانية فيها بأجمل الود. ولما رأى سيدي أحمد نشاط الفرنسيين أستحسن الانتقال إلى الجوف في واحة الكفرة. وهناك وعلى واحات أخرى في صحراء ليبيا كان السيد المطلق، ولم يكن لاعتراف فرنسا بأن الصحراء واقعة في دائرة النفوذ البريطاني أي أهمية لديه

وكان عدد أتباعه في مصر دائماً في ازدياد، وفي الإسكندرية كان يعيش السيد محمد الإدريسي أكبر أبناء المهدي السنوسي وسط أملاكه مستقبلاً أتباع السنوسية من جميع أنحاء البلاد.

(البقية في العدد القادم)

حسين جعفر

المهندس الزراعي

<<  <  ج:
ص:  >  >>