للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بعد ذلك كله يرجو أن يكون كسبه من الأمر أكثر من كسب الآخرين، إنه ليعود من الحبشة مسرعاً وقد حزم أمره على الدخول في الإسلام. . . ولكن انظر كيف أقنع نفسه بالبيعة للرسول، لقد بعثت إليه قريش تسأله ما عقد عليه النية. . . فلا يعلن إسلامه إعلان عمر، ولا يفسر إيمانه تفسير أبي بكر أو عثمان. . . وإنما هو يقول للرسول: أنحن أهدى أم فارس والروم؟ فيقول الرسول: (بل فارس والروم) فيقول عمرو. . . فما ينفعنا فضلنا عليهم في الهدى إن لم تكن إلا هذه الدنيا وهم أكثر فيها أمراً، قد وقع في نفسي أن ما يقول محمد من البعث حق. . . هذا منطق الرجل في الإيمان وهكذا يستوثق لنفسه من أنه لا (خسارة) عليها في ذلك، ثم يمضي حتى إذا أقبل على الرسول الكريم ومد يده فقد قبضها، فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: (أردت أن أشترط!) نعم يريد أن يشترط. . . يريد أن (يكسب) شيئاً في هذه البيعة الجديدة. . . فإذا سأله الرسول ما يشترط فقد تريث لحظة. . . وبدا له فطوى ما كان يريد أن يقول. . . وساعفته بديهته. . . فقال (يا رسول الله. . . إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا عمرو! بايع فإن الإسلام يجبُّ ما قبله وإن الهجرة تجبُّ ما قبلها). . . إنه يريد أن يشترط دائماً. . . هكذا كان موقفه في كل أمر.

(للبحث بقية)

حسين مؤنس

<<  <  ج:
ص:  >  >>