للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(إني أعلمكم السوبرمان؛ الإنسان يجب أن يفوق الإنسان! ماذا فعلتم لتفوقوا الإنسان؟

كل الكائنات سارت في طريق الإبداع إلى ما هو أسمى: وأنتم يا بني الإنسان شئتم أن تكونوا من الموجة جزرها لا مدها، بل آثرتم العودة إلى الإنسانية على السمو فوق الإنسانية

ما هو الفرد في عين الإنسان؟ إنه لخزي وعار. وهذا ما يجب أن يكون الإنسان في عين السوبرمان: خزي وعار. ها إنني أعلمكم السوبرمان:

إنه هو ابن الأرض، فلتقل إرادتكم، بلى. ليكن السوبرمان ابن الأرض)!

- ٢ -

من هو السوبرمان؟ وكيف يستطيع الإنسان أن يكونه؟ يمكننا تحديد السوبرمان بأنه هو الإنسان الذي يصرف عن نفسه كل التقاليد الموروثة من مذاهب وشرائع سارية في جسد أوربا. يصرفها عن نفسه ليعود إلى تقاليد وضعها رجال نبلاء وأسياد خلقوا بأنفسهم هذه القيم ولم يقتبسوها من غير أنفسهم. وليس معنى ذلك أن نعود بالإنسان إلى الوراء - إلى عصر الوحشية - وإنما نريد من الإنسان أن يبقى محتفظاً بمعارفه وبتجاربه التي شقي فيها أدهاراً طويلة. . . ولكنه يجب عليه أن يحطم مجموعة التقاليد والشرائع التي تعوق سيره وتحول بينه وبين التقدم المنشود

إن الإنسان بذهابه من الوجود يفتح الطريق للسوبرمان. وما أشبه هذا الاجتياز بالحركة التي تولد الرجل الزاهد عند (شوبنهاور). يعتقد المتشائم الكبير بأن الألم قد يقود الإنسان إلى الانعتاق من إرادته الشخصية، ويسير به إلى الانتحار في النهاية. ولكن هذا لا يغني وحده في نقله، وإنما لا ينبغي له إذا أراد الخلاص أن يقنع بالتنازل عن حياته الخاصة التي يحرزها، بل أن يتنازل عن الحياة عامة، وبهذا الثمن يستطيع أن يحس بالهدوء. أما عند نيتشه فإن الألم هو الواخز الذي يخز الإنسان فيقوده إلى السلام. إن الإنسان يتألم من كل شيء ذاتي، فيدرك السآمة الحادة الفاشية في نفسه، وهذه السآمة هي التي تسوقه إلى طلب الزهد والتشاؤم. وهذه هي حالة الرجال السامين الذين جمع بينهم (زرادشت) في كهفه. ولكن النبي يعظهم قائلاً لهم (إنكم لم تبلغوا في الألم الدرجة التي أريدها. لأنكم ما زلتم تتألمون من حالتكم وما أنتم عليه. إنكم لم تتألموا من حالة الإنسان الحاضر!) فإذا بلغ

<<  <  ج:
ص:  >  >>