للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بقيت فتنة أحمد أمين بالوثنية اليونانية التي ابتدعت أفروديت وأدونيس وإيروس، فهل يعرف كيف عاشت الوثنية اليونانية؟

لو أن اليونان كانوا أسلموا كما أسلم العرب لوجد في اليونان من يبدل آثار الوثنية اليونانية بحيث تصبح وتسمى وهي مثل في الرقاعة والسخف

ولكن اليونان عاشوا في جاهليتهم بعد ظهور الإسلام بأجيال طوال، وظلوا يتوارثون أوهام أسلافهم من عصر إلى عصر إلى أن جاء المتطرفون من شعراء الفرنسيس والإنجليز فعكفوا على تلك الوثنية يعبدونها من جديد لأنها قامت على أساس براق هو التقديس لجموع الأهواء وطغيان الأحاسيس

وهنا تحل المشكلة التي حار في فهمها أحمد أمين، فهذا الرجل يعجب من سكوت العرب عن ترجمة ما كان عند اليونان من أشعار وأقاصيص

وأنا أتصدق عليه بحل هذا الإشكال فأقول: إن المسلمين الذين نهاهم دينهم عن أحياء الوثنية العربية قد انتهوا بفضل الدين عن أحياء الوثنية اليونانية

وهل يعرف صاحبنا متى استفحلت حماسة الأوربيين لوثنية اليونان؟

انهم انتصروا لتلك الوثنية يوم استحكمت العداوة بين اليونان والأتراك؟ وهل كان يمكن لشاعر مثل بيرون أن يشايع اليونان لوجه الحق؟

إن الغافلين يجهلون السر في تغني شعراء فرنسا وإنجلترا وإيطاليا بقلعة الأكروبول، فهذا التغني كانت له غاية أصيلة هي تمجيد الأمة التي جعلت عبادة الشهوات من الشرائع. ولو كانوا يريدون وجه الحق لوقفوا على (الكعبة) العربية التي يتوجه إليها الملايين من أهل المشرق والمغرب في أوقات الصلوات، والتي كانت مثابة للألوف من أقطاب التشريع

ولكن الكعبة ليست من هواهم: لأنها لم تمجد الشهوات ولأنها خلت من عبادة أفروديت وأدونيس وإيروس!

إن الشهوة من أهم العناصر في الحياة الإنسانية، وهي تستهوي الناس في كل عصر وفي كل أرض، ولكن العرب امتازوا بين الأمم بالتخوف من عواقب الشهوات، فكانوا لذلك موضع الغضب فلتسخريه من الشعراء الظرفاء الذين بكوا دماً على مصير اليونان أيام حرب الاستقلال

<<  <  ج:
ص:  >  >>