للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ثم أمضي إلى آخر الشوط فأقول:

أحب المسلمون دنياهم فأقبلوا عليها بنهم وشراهة، فماذا جنوا من ذلك الحب؟

كان امتحاناً قاسياً عنيفاً إلى أبعد حدود القسوة والعنف. فقد عرفوا به أن لا بقاء للحياة بدون أخلاق، فكيف كان نصيبهم من شرح دقائق الأخلاق.

لا أزعم أني قرأت جميع ما كتب عن الأخلاق في جميع الديانات، وإنما أقرر أني اطلعت على مجلدات كثيرة في الأخلاق المنسوبة إلى رجال الدين من غير المسلمين، فما وجدت لها حرارة تشبه النار الموقدة في الكتب الإسلامية، فما سبب ذلك؟

المصلح المسلم تكتوي يده بنار المجتمع في كل يوم، فهو يسكب دم قلبه على القرطاس، وهو يتحدث عن واقع لا عن خيال، فهو يقول رأيت وغيره يقول سمعت، أما أبعد الفرق بين الرؤية والسماع!

الأخلاق في الكتب الإسلامية منقولة عن تجارب شخصية لا روايات خيالية، وما خط مسلم حرفاً في الأخلاق إلا وهو يتمثل مشاهد حية من بغي الناس بعضهم على بعض بلا رحمة ولا إشفاق

معاملة المسلم مع الله تنحصر في هذه الكلمة الوجيزة

(أّعبدِ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)

أما معاملة المسلم مع الناس فلها ألوف وألوف من الدقائق والتفاصيل.

فهل كان ذلك إلا لأن الإسلام أول دين عُنِيَ عنايةً صريحة بالشؤون المدنية؟

قد يقال: وكيف جاز أن يسف المسلمون بعد التحليق؟

وأجيب بأن المسلمين لم يسفّوا إلا بعد أن فُتنوا وزُلزلوا وتوهموا أن المدينة ليست من شؤون الدين

أليس مما يعيب الرجل المسلم في هذا العصر أن تكون له مطامح سياسية واقتصادية؟

اخلعوا النير عن أعناقكم يا مسلمي هذا الزمان، ويا عرب الزمان؟

لقد فَضَحنا (أشراف) مصر حين طالبوا بحقهم في التحرير من الجندية

وفَضَحنا (عربان) مصر حين طالبوا بامتيازهم في التخلص من الجندية

فماذا يريد أولئك وهؤلاء؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>