للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعشب لِما تعمل ميديا. . . وصَلَّت كذلك لآلهة الغاب والأنهار والبحار والغدران، ولآلهة الرياح والضباب والسحاب، وصلت لجميع الآلهة، ولم تفتر تطلق التعاويذ وترسل الرقي. . .

ثم سكتت. . . وصمت حولها كل شيء. . . حتى الرياح كتمت أنفاسها. . . ثم تشققت السماء فكانت وردة كالدهان. . . ثم انفتح فيها باب كبير من ذهب، وبرزت منه عربة عجيبة يجرها أفعوانان هائلان، فلم يزالا يطويان الرحب حتى كانا عند قدمي ميديا. . . وتقدمت الساحرة وهي تبتسم فركبت في العربة، وانطلق الأفعوانان يجرانها في الهواء، ويرفان بها فوق الوديان والغيران، وفوق قلل الجبال وهضاب الأرض، وفوق الغاب الساكن المستسر، وفوق الأنهار والبحار. . . وفوق كل شيء. . . حتى انتهت إلى آخر أقطار الأرض حيث تنبت الأعشاب العجيبة التي تنفعها في سحرها. . . وهناك. . . مكثت الساحرة تسع ليال بعيدة عن العالم تجمع العشب وتنتقي البقل ذا الأسرار؛ ثم ركبت عربتها وانسابت في الهواء حتى أتت بيت جاسون، فنزلت بحملها العجيب وعرج الأفعوانان في السماء. . .

وفي الصباح، فوجئ جاسون بوجودها فذعر ذعراً يشوبه شيء من التفاؤل بعودة الشباب إلى أبيه كما وعدت. . . وأمرت أن يخلي بينها وبين إيسون حتى لا ترى عين إلى ما تصنع، ولا تنكشف أسرار سحرها لأحد ما من العالمين. . . ثم إنها أقامت مذبحين عظيمين أحدهما باسم هيكاتية ربة السفل والسحر، والآخر باسم هيب ربة الشباب، وذبحت لكل شاةً سوداء فاحمة السواد، ثم صبت على دمائهما صلاةً للربتين من خمر ولبن. . . وتوسلت بعد ذلك إلى بلوتو رب هيدز، وإلى زوجه بروز ربين، ألا يعجلا بقبض روح إيسون. . . ثم بدحت نحو الرجل فتمتمت بِرُقْية أسلمته إلى نوم عميق، وأضجعته على فراش مهدته له من الأعشاب العجيبة التي حملتها من أقصى الأرض، وطفقت بعد هذا تخطر وتدور حول الجثة، وشعرها المتهدل يداعبه النسيم، وصدرها المنكشف ناهد نحو السماء. . . حتى إذا أتمت دورات ثلاثاً وقفت، وشحذت سكيناً ماضياً، وجعلت تشعل أعواداً من عشبها وتنظمها حول المذبحين. . . ثم تناولت إدَاوَتَها التي حفظت بها أعشابها ذوات الأسرار، وحفظت بها أزهاراً فيها من الرحيق السحري ما هو آية، وجعلت فيها من

<<  <  ج:
ص:  >  >>